وفاة المهندس النمساوي غلوك مصمم "أفضل وأخف مسدس في العالم"
وذكر التلفزيون النمساوي أن غلوك توفي أمس الأربعاء في قصر العائلة الواقع في مدينة (فيلدين) جنوبي النمسا.
ولد غلوك في فيينا في 19 يوليو 1929 وكان عمره ثلاثة أشهر فقط عندما وقع الانهيار الكبير في سوق الأوراق المالية في ولاية (نيويورك) الأمريكية وسرعان ما انتشرت صدمات هذا الانهيار المالي إلى أوروبا وأثارت ازمة اقتصادية عالمية خطرة.
في ذلك الوقت كان لا يزال هناك طريق طويل قبل أن يتمكن هذا الطفل الموهوب من شق طريقه في عالم إنتاج السلاح حيث تمكن من إنشاء مصنع لإنتاج الأسلحة في ضواحي فيينا خلف أسوار عالية منذ عام 1963 وبالتالي صنع لنفسه اسما ذاع صيته في جميع أنحاء العالم عبر مسدس (غلوك) ذي القبضة البلاستيكية.
وتشتهر شركة (غلوك) بمسدساتها الخفيفة للغاية وهي الأولى في العالم التي تستخدمها أجهزة الشرطة.
ولكن كيف تمكن غاستون غلوك وهو مهندس بلاستيك مدرب من جعل السلاح علامة تجارية مشهورة كما هي عليه اليوم؟ بدأ كل شيء في عام 1980 عندما كان الجيش الفيدرالي النمساوي يبحث عن بدائل بسبب مشكلات فنية في مسدس (والتر بي - 38) الذي كان يستخدمه سابقا بشرط أن يكون المسدس الجديد أخف وزنا ويحتوي على مخزن ذخيرة أكبر وأن يكون تصنيعه غير مكلف.
ونظرا لعدم وجود أحد في سوق السلاح النمساوي آنذاك لجأ الجيش إلى شركة غلوك لتأمين حاجته.
وتمكن غلوك من حل مشكلة الوزن الحديدي الثقيل بقبضة مصنوعة من مادة البوليمر البلاستيكية الأمر الذي جعل السلاح الجديد ليس فقط أخف وزنا مقارنة بالمسدسات الأخرى بل جعله أيضا أقل عرضة للتآكل.
كما ابتكر غلوك نوعا جديدا للأمان فبدلا من الأمان اليدوي استخدم نوعا جديدا من الزناد مع القادح المحمل مسبقا بحيث تم تأمين المسدس تلقائيا بعد كل طلقة ولا يمكن فتحه وإطلاقه مرة أخرى إلا عن طريق سحب الزناد مرة أخرى.
ويحتوي السلاح أيضا على مخزن يمكنه استيعاب 17 طلقة أي أكثر من ضعف عدد طلقات مسدس الجيش النمساوي السابق (والتر بي - 38).
وكان الجيش النمساوي متحمسا وطلب 20 ألف قطعة من هذا المسدس الجديد ما فتح الباب أمام تطور تجارة المسدسات بحيث أصبحت عملا مربحا جدا لشركة غلوك.
وعلى إثر حادث مقتل عدد من ضباط مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (إف.بي.آي) في تبادل لإطلاق النار مع تجار المخدرات في مدينة (ميامي) الأمريكية عام 1986 بسبب كون مسدساتهم غير فعالة ضد وابل الرصاص من المسدسات ذاتية التحميل أصدر مدير المكتب آنذاك ويليام سيشنز أمرا بضرورة البحث عن بديل لهذه المسدسات.
ولحسن حظ النمساوي غلوك كان مسدسه الجديد بالفعل في قلب المناقشات الساخنة فقد قيل على سبيل المثال إنه كان من السهل حمله ونقله عبر المطارات حيث لن يظهر على أجهزة الكشف عن المعادن بسبب تركيبته الخفيفة المكونة من البلاستيك.
وبعد أشهر قليلة من الحادث المأساوي طلبت إدارة شرطة (ميامي) 1100 قطعة وتبعتها مدن كبرى أخرى.
وفي عام 1990 نجحت هذه الاستراتيجية وساهمت أفلام (هوليوود) في الترويج لهذا المسدس عبر أفلام الإثارة وملاحقة الجواسيس.
وبالإضافة إلى النمسا والولايات المتحدة تمتلك المجموعة الآن شركات في عدد من الدول منها البرازيل وأوروغواي وفنزويلا والصين والإمارات وسلوفاكيا.
كما تم تجهيز وحدات الشرطة والجيش في ما لا يقل عن 50 دولة بمسدسات غلوك بما في ذلك دول مثل المكسيك والهند وأفغانستان والعراق وتونس.
ولا تزال الولايات المتحدة أهم سوق مبيعات لشركة غلوك إذ يحمل ثلثا رجال الشرطة هناك هذا السلاح.
وظل غلوك بعيدا عن الأضواء حتى وفاته ولا يعرف بالضبط حجم ثروته من شركته. (النهاية) ع م ق / م ع ع